لم يدم التفاؤل لدى المواطنين كثيراً بعد طرح شركات تجميع السيارات المحلية لمنتجاتها في الأسواق، فالأسعار فلكية وخارج نطاق القدرة الشرائية للكثيرين بل تتفوق بسعرها على مثيلاتها في دول الجوار بنسبة 50 %، ليمسي حلم المواطن بالحصول على سيارة رهيناً بدخوله نادي «أصحاب الملايين» ناهيك بالإشكاليات والتجاوزات المرتكبة «تحت الطاولة» التي طفت على السطح مؤخراً، ودفعت بالحكومة لإعادة تقييم التجربة ودراستها التي يفترض أن تأخذ بالحسبان البحث في أسباب ارتفاع أسعار السيارات الجديدة «الصينية» حصراً وكيفية إحتساب الشركات للسعر النهائي للسيارة و هوامش الربح المضافة، والأهم ضرورة منح وزارة التجارة الداخلية مسؤولية تحديد هوامش الربح والإشراف على الأسعار ومراقبتها انطلاقاً من عدّ السيارة سلعة كبقية السلع الخاضعة لقانون حماية المستهلك وقرارات هوامش الربح ..؟.

جنون الأسعار

للأسف لم تنجح السيارات الجديدة بدفع أسعار السيارات المستعملة للهبوط، فالأسعار حافظت على ثباتها في ظل غمز ولمز في السوق عن ارتفاع وشيك للأسعار قد يصل إلى أكثر من 300 ألف ليرة نظراً لمسارعة شركات تجميع السيارات برفع الأسعار بعدما تردد عن نية الحكومة رفع الرسوم الجمركية لقطع السيارات إلى 30%، حيث طالب المواطنون الذين التقيناهم الحكومة بضرورة إعادة النظر في الإجراءات الحالية المتخذة لتخفيض الأسعار الجنونية للسيارات من خلال السماح باستيراد السيارات المستعملة مؤقتاً وفق شروط ومعايير محددة، كما هي الحال في لبنان على سبيل المثال، وأن يكون هذا الإجراء لفترة محددة مرتبطاً بظروف الأزمة لا بل ذهب البعض منهم بعيداً بالتأكيد على أن هذا الحل هو الوحيد القادر على تخفيض الأسعار في الوقت الراهن، فسعر سيارة فرنسية «ميغان» سنة صنعها 2005 على سبيل المثال، كما قال أحد المواطنين: في لبنان 1200 دولار أي بحدود المليون ليرة، في حين يصل سعرها في الأسواق السورية إلى 5 ملايين ليرة .؟

قلب المعايير

أصحاب معارض السيارات الذين التقيناهم أجمعوا على وصف الحالة الراهنة لأسواق السيارات الجديدة والمستعملة بالجنون والهذيان والمبالغة برفع الأسعار، فأصحاب السيارات الكورية والأوروبية رفعوا أسعار مبيع سياراتهم بعد طرح السيارات الجديدة المجمعة الصينية بأسعار مرتفعة أي إن السيارات الجديدة ساهمت في رفع أسعار السيارات المستعملة وليس العكس، مؤكدين استمرار حالة الجمود في الأسواق و إمكانية تحريك الأسواق وكسر الأسعار في حال الموافقة على استيراد سيارات مستعملة، ومن المعيب أن تباع سيارات أوروبية سنة صنعها الثمانينيات بثلاثة ملايين ليرة والتسعينيات بستة ملايين، في حين سجل بعض أصحاب المكاتب دهشتهم لبورصة الأسعار التي وصلت إليها أسعار السيارات المستعملة الفاخرة، فسعر سيارة الصنع موديل 2011 ثمانون مليون ليرة.

استمرار التجاوزات

حسب المعلومات لم يبصر مشروع المرسوم الذي أرسلته وزارة المالية إلى الحكومة القاضي برفع الرسوم الجمركية على قطع السيارات من 5 إلى 30% النور بعد، والغريب مسارعة بعض شركات تجميع السيارات لرفع الأسعار ليصل إلى المليون ليرة حسب قوائم الأسعار المنشورة على المواقع الإلكترونية العائدة لوكلاء البيع لبعض الشركات قبل صدور المرسوم، فسعر سيارة byd اف 3 أصبح 7 ملايين و450 ألف ليرة، في حين كان سعرها السابق 6 ملايين و350 ألف ليرة تقريباً وانتظار أغلبية الشركات صدور المرسوم للبدء باستيراد مكونات السيارة.

أرباح خيالية

وما يبعث على القلق وعدم الارتياح كيفية تعاطي شركات تجميع السيارات مع هذه الصناعة من منطلق تحقيق الأرباح الخيالية والعمل في بيئة انعدمت فيها الرقابة والضوابط وخاصة تلك المتعلقة بآلية التسعير فحسب الأرقام بلغ عدد السيارات المجمعة خلال العام الماضي ما يقارب 2000 سيارة بينما بلغ عدد إجازات الاستيراد 13 إجازة لمكونات 5498 سيارة خلص منها فعلياً مكونات 3043 سيارة من أجل التصنيع لاحقاً وسجل منها في وزارة النقل 499 مركبة ما يعني وجود 2500 سيارة لدى هذه الشركات جاهزة للبيع استوفيت رسومها قبل تعديل الرسوم أي 5% فقط وعمدت شركات السيارات لتعديل أسعارها بناء على الرسوم 30 % وهامش الربح الكبير المحقق لهذه الشركات نتيجة ذلك .

لماذا أسعارها محررة؟

المهندس جمال الدين شعيب معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك علّق على الموضوع بالقول: أسعار السيارات محررة – يعني «بالمشرمحي» الوزارة ليست لها علاقة بالأسعار – مضيفاً يمكن للوزارة التدخل في حال وجود شكوى أي البيع بسعر زائد عن أسعار الشركة، بينما دعا مدير الأسعار في الوزارة نضال مقصود إلى ضرورة تدخل الوزارة بالأسعار أسوة بقطع تبديل السيارات.

استيفاء الشروط

من جهة ثانية، أوضح الدكتور نضال فلوح- معاون وزير الصناعة استيفاء شركات تجميع السيارات الحالية، البالغ عددها خمس شركات، شروط الترخيص، لافتاً إلى عدم إمكانية منح الترخيص الصناعي إلا بعد الكشف على المعمل من قبل لجنة خاصة من الخبراء والفنيين، مؤكداً في الوقت ذاته أن الفارق بين شركات التجميع هو عدد الصالات، فالشركة السورية الإيرانية «سيامكو» لديها ثلاث صالات تبدأ عملية التجميع بلحم شاسيه السيارة المؤلف من قطعتين وصولاً إلى مرحلة الدهان، في حين تمتلك بقية الشركات صالة واحدة وتبدأ عملية التجميع بشاسيه كامل، وشدد فلوح على اقتصار دور وزارة الصناعة بالترخيص، نافياً أي علاقة للوزارة بموضوع تحديد الأسعار والتكلفة…




إقرأ أيضا أخبار ذات صلة