يعلم وزير النفط، أن مادة الغاز المنزلي في بيوت السوريين، وصلت إلى معدلات صفرية. ويدرك الوزير علي غانم أن كل المبررات، لاتقنع رب أسرة، بأن يترك جرة الغاز الفارغة في المنزل وحيدة، بل سيحملها على أكتافه، ويدور في الشوارع باحثاً عن صدفة محضة، تجمعه ببائع غاز، رغم يقينه أن زمن الصدف بات معجزة بامتياز.
 
حفلت وسائل الاعلام الفترة الماضية بالوزير غانم وهو يفتتح المشاريع، ويدبج التصريحات الوردية، ويطمئن الناس، بأن زمن القلة الغازية ذهب إلى غير رجعة. ومن المهم سؤال وزير النفط عن موقفه من الإحاطة التي قدمها مطلع الشهر الماضي، متفاخراً بالحلول المبتكرة التي واجه بها كادر الوزارة المخازين الصفرية، ومعالجة المخازين الميتة ـ على حد تعبيره ـ ولماذا لم يستطع ابتكار حلول هذه المرة؟ واكتفى في مجلس الشعب الأسبوع الماضي بطمأنة الناس، بأن الأزمة إلى انفراج. بدورهم الناس يطمئنونك يا سيادة الوزير بأنهم بلا غاز.
 
نفسياً، بدا الأمر وكأنه عقاب حكومي للمواطنين. فالمواطن لايهتم سوى بالنتائج، ألف سبب وتبرير، والنتيجة جرة الغاز فارغة ولا سبيل لملئها. فلتذهب كل التبريرات إلى الجحيم، هكذا حال لسان مواطن بلاغاز. قبل سنوات قليلة كانت أزمة الغاز مقنعة، وافتقاد الناس لمازوت التدفئة يمكن أن يمر. الأن تغير كل شيء، ثمة معطيات جديدة لا تسمح للحكومة بالتراجع قيد أنملة للوراء. 
 
لاتظنوا أن وزيراً حالياً، كان بامكانه قلب الطاولة، ويتبرع بما لديه من جرات غاز، ويوزعها على فقراء ومحتاجين. أو أن تنظم الحكومة حملة يقودها الوزراء تضامنا مع الناس الذين بلا غاز، بالتوقف عن استهلاك الغاز المنزلي ريثما تعود الأمور إلى نصابها. على العكس، اتخذت وزارة النفط موقفاً مغالياً بالطلب من الناس الانتظار والصبر، خاطبتهم كأطفال بضرورة عدم اقتناء أكثر من جرة غاز واحدة، افساحاً للمجال أمام الأخرين للحصول على حقهم الغازي. لاحظوا أن كل الحلول كانت تأتي انطلاقا من المواطن، يطلبون منه الصبر، وعدم الزيادة في الاستهلاك، لكنهم ـ أي الوزراء وكبار المسؤولين ـ لايطلبوا من أنفسهم مواجهة الأزمات بقوة وجرأة، لم يخرجوا بحلول منطقية وموضوعية تتناسب مع حجم الأزمة. هل تعرفون لماذا يحصل ذلك؟ لأن الحلول الفردية هي المتبعة، هذا نهج حكومي.
 
حتما يعلم الوزير غانم، أن مطابخ الوزراء لم تفتقد الغاز، وبيوتهم لم تعاني من عدم تشغيل مدافىء الغاز، بينما مئات ألاف الأسر باتت بلا طعام ساخن. ها هي ذي الأزمة الحقيقية، وتتمثل المأساة الكبرى، بتلك الخطة الحكومية الفريدة من نوعها التي ابتدعها وزير النفط وهي، الصبر. الكيل طفح يا وزير النفط، وسوء الادارة أصاب من المواطن مقتلاً.
 

27/12/2018
عدد المشاهدات: 4692
اسعار صرف العملات
www.syria-ex.com




إقرأ أيضا أخبار ذات صلة